الأحد، 27 نوفمبر 2011

هي والغريب (١)

تستيقظ كل صباح على امل اللقاء به
ذاك الشخص الغريب
ذاك الأب الحنون
ذاك الصاحب السياره العملاقه
ذاك السائق المجنون

ذاك الشخص التي صرّحت الصدف بالتلاقي معه في كل صباح على مدى ايام الاسبوع
بحكم الاستيقاذ للآشغال والدراسه وبحكم كون كل من اطفالهم في الحضانه ذاتها

تستيقذ باكرا لتستحم بماء دافئ لتكون آخر رشات الماء مثلجه
تحب الاستحمام كل صباح رغم استحمامها كل ليله
كانت ترى في ذلك سر
سر العطر ... فقد كانت تشمئز من الذين يرشون العطر على اجسادهم وملابسهم دون استحمام
وكانت تحب الالتزام بعطرين محددين احدهما للصيف ،، والآخر للشتاء
رغم كثرة زجاجات العطر الراكنة في تلك الطاولة الا انها لا تستخدم الا عطرين
Daisy Marc Jacobs للصيف
و
coco chanel No 5 للشتاء

تلك كانت هيه
ليست بطويله وليست بقصيره ،، بيضاء لها اعين كبيره لدرجة آنها توصف بأنها تشبه الدمى،، وشفتها كانت مكتنزه ،، ووجه بيضاوي
واكانت ابتنها تشببها لدرجة خياليه
كانت هي في ربيعها الثاني والعشرين.. لها جسم مشدود،، حيث انها اعتادت ان توقف سيارها بجانب إحدى الحائق وتذهب لتمشي مشي سريع لمدة ساعه كل صباح
وكان هو كما كانت هي تعتقد بين الثلاثين والخمس والثلاثين
رجل ذو قامه طويله جدا،، لديه بنيه جسمية غليظه ،، حنطي على حمره ،، له اكتاف عريضه ،، ومن الواضح انه يهتم بصحته ويمارس التمارين الرياضيه وحمل الاثقال
له عينين اسرتها من اول نظره،، جاحظه ،، لا معه ،، وتطوقها هالات داكنه ،، كانت تحب تلك الهالات

في إحدى المرات وهيه متوجهه في فصل ابنتها .. كانت تتحدث مع احدى صديقاتها تدعوها بالانضمام اليها في نهاية الاسبوع.. حيث انها تأخذ ابنتها عصرا الى ركن الالعاب مع الخادمه.. وتذهب هي الى احدى كوفيهات المول البعيده عن المارّين والمحلات التجارية لتقرأ كتاب وتشرب القهوه.. ولكنها اعتذرت..
لم تعلم هي ان الغريب كان خلفها.. ولم تعي بفرحته حين سنحت له الفرصه بلقائها بعيدا عن أجواء الحضانه وأعين المحيطين بهم

وأتى اليوم الذي انتظره منذ سماع المكامله.. توجه الى المول .. كثرت تخميناته انها لن تبتعد عن موقع ركن الالعاب وتوجه الى اقرب كوفي.. كان يقع في نهاية المكتبه.. اخذ كتابا عن السياسه التي لايكل ولايمل من القراءه عنها وطلب له قهوته المفضله وجلس،،، وترك الباقي للأقدار

بعدما وصّت الخادمه على ابنتها،، توجهت الى مكان الكوفي الذي اعتادت ان تجلس فيه من اكثر من سنه وفي نفس المكان والكرسي لتمارس طقوسها التي تحب

كانت اعينها على هاتفها النقال وكانت اناملها الناعمه تلعب بالحروف والارقام حتى رفعت عينيها لتراه... الغريب!!.. ذاته بلحمه وشحمه...
اول ماآحست به هو ذاك الوخز الفراشات في معدتها.. وصوتها في عقلها يقول "مالذي اتى به الى هنا؟" حيث انه في نفس اللحظه رفع نظرته اليها،، ورجع للقرآءه بكل هدوء .. آحست انه لم يلاحظها من الاساس

طلبت القهوه،، جلست .. قبل ان تفتح كتابها التي تحب.. راحت تتمعن بوجهه وهو يقرأ.. بملامح وجهه الحقيقة،، فكرت "شو قصته؟"
فتحت لتقرأ للكاتبه أحلام مستغانمي "نسيان"
جلست حوالي الساعتين والنصف وهي في كل اندماج لما تقرأه من كلمات وجمل.. رفعت رأسها لتريح رقبتها فوجدته يناظرها .. لم تفهم معنى نظراته.. كانت غريبه.. ارتبكت.. ارتكبت بدرجه كبيره لم تعرف ماذا تفعل حيث انه لم يزح بنظراته عنها... كان يراها ولم يستطع الا ان يبتسم
كانت ابتسامته تحمل معاني كثيره.. لم تكن استهتار بل كانت نظرات ابويه بها حنان ودفئ عجيب.. وقف وتوجه الى المخرج مااً بها قائلاً:"لاتخافين ،، ترى ما اعض"
بقيت صامته بلا حرف ولا حركه من كلماته الجريئه
لقد توجه اليها وكلمها بكلمات قصيره ،،، لكنها سمعت صوته..لاول مده تسمعه بهذا القرب والوضوح... صوته غليظ له بحه.. كان يشبه آصوات الذين يقدمون نشرات الخبار ..

بدآ اسبوع جديد ،، لم تنكر انها كانت مشتاقه لرؤيته ولكنها كانت خائفه في ذات الوقت.. اوقفت سيارتها امام الحضانه.. انتظرته حتى يحمل طفله لفصله وحتى يرجع لسيارته ويرحل
هو وصل الى الموقع رأى سيارتها .. انتظرها ولكنها لم تخرج ولم تتحرك...فقرر ان ينزل طفله
هو لاينكر ان تلك الغريبه استرته.. لا ينكر ابدا انه ينام كل ليله على امل ان يلقاها وتبتسم له في الصباح ، احب ان يتعرّف عليها ،، اراد ذلك اكثر من أي شيء آخر.. لايستطيع انتزاعها من رأسه.. لايستطيع ان يزيل خيالها من اعينه.. زعم هذه المره ان يقوم بالخطوة الأولى،، وأن يتهور.. وان يفعل مايستطيع فعله.. عليه ان يكلمها.. وعليها ان تقبل!!!

حرك سيارته بغضب،، بعد ان تأكدت انه رحل حملت طفلتها الى الفصل وتوجهت بعد ذلك الى الحديقه لتمارس الرياضه...
وهي تمشي على اسوار الحديقه تفكر فيه وتفكر بوضعها وبزوجها البعيد كل البعد عنها.. وبكل مايدور في حياتها... كانت احيانا تمشي لأكثر من ثلاث ساعات متواصله ولاتشعر وكله بسبب التفكير الذي لا ينقطع..
وهي في بداية خطواتها.. أحست بسياره تبطىء السير بجانبها وصوت ينادي بكل سرعه وخوف: هيي تعالي،، تعالي اركبي.. اركبي!! كان يأشر بيده وملامح وجهه كانت تعتصر لاتدري هل هي من الخوف او من الغضب او من ماذا بالضبط..
هزت رأسها ناهيه خائفه جمّعت يديها حول فمها ،هي تنظر حولها،، لم تجد احد قربها.. مابالهم الناس اليوم؟؟ الم يستيقظ آحد!!! سمعت صوته: لاتخافين!! تعالي بسرعه ! اركبييي يلاا!!
لم تحس بيدها.. لم تحس بأرجلها.. كيف استطاع السيطره عليها..كيف؟!! هي لاتعرفه،، لاتثق فيه!! من هذا لرجل؟؟ من؟؟؟!! انا حتى لا اعرف اسمه! كيف حصل هذا؟؟ كيف فتحت الباب وركبت كيف؟؟!!!

بقيت صامته ترتجف كالسمكه التي تمووت ،،،كورقة الشجر في ليله عاصفه بارده ممطره..
حرك سيارته بسرعه الى احدى حواف الطريق التي لاتقربها بيوم او محلات..
وقف.. اخفض صوت الرادو.. التفت اليها،، راح يتأملها
هو يعرف انه لن يمسها.. لن يضرها .. لن يؤذيها.. هو فقط يريد ان يكلمها ان يتحدثا لايعرف عن ماذا بالضبط لكن يريد ذلك
مع اول حرف ينطقه لها يسألها عن اسمها ،، انتفضت خوفاً،، واشاحت بجسدها ووجها بعيداً عنه.. تلعن نفسها في نفسها مليوون مره
الغريب: لاتخافين..
سمع زفره طويله منها وكأنها تحاول ان تمسك أعصابها عن الانهيار او البكاء
هو: لاتخافين ولله مابضرج.. بقيت هي بلاحراك
هو: صدي صوبي..... طالعيني... اوكي خليني اشوفج
بقيت هي كالصنم...
هو: والله حلفت لج ..والله مااضرج!!!
هي بعد صمت : انت شو تبا بالضبط؟؟
هو : ولاشي... انا روحي ماعرف شو ابا... يمكن بس ابا اسمع صوتج او اشوفج من قريب
التفت إليه.. ونظرت اليه بأعين ملأها دمووع..
واللي يبا يشوف يخطف .؟؟
لم يتكلم .. لم يتحرك،، كان ينظر اليها مبهورا بها.. بعيناهاا بوجهها بشفتاها بكل شي!! حتى بدموع عينيها
هي تتكور على جسمها الضعيف وتنظر اليه كالطفله وبصوت يرتجف: ردني ... الله يخليك ردني...
غضب مما فعله... لم يدرك ان لها وجه وصوت وروح طفله الى هذا الحد.. كان يراها.. كان يريد ان يلتهمهاا لكنه لايستطيع اذيتها... يقدر على ان يؤذيها لكنه لايستطيع.. فهو رجل يستطيع ان يفعل بها مايشاء فهي اصغر حجما منه بأضعاف.. وهو أقوى منها بأضعاف مضاعفه.. لكن وجه كوجهها لايستطيع اي احد أذيته...

يتبع